فصل: خبر ابن أبي الساج.

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: تاريخ ابن خلدون المسمى بـ «العبر وديوان المبتدأ والخبر في أيام العرب والعجم والبربر ومن عاصرهم من ذوي السلطان الأكبر» (نسخة منقحة)



.خبر ابن أبي الساج.

قد تقدم لنا ولاية محمد بن أبي الساج على أذربيجان ومدافعة الحسين إياه عن مراغة ثم فتحها واستيلاؤه على أعمال أذربيجان وبعث المعتضد سنة اثنتين وثمانين أخاه يوسف بن أبي الساج إلى الصيمرة مددا لفتح القلانسى غلام الموفق فخرج يوسف فيمن أطاعه فولاه المعتضد على أعماله وبعث إليه بالخلع وأعطاه الرهن بما ضمن من الطاعة والمناصحة وبعث بالهدايا.

.ابتداء أمر القرامطة بالبحرين والشام.

كان في سنة احدى وثمانين قد جاء إلى القطيف بالبحرين رجل تسمى بيحيى بن المهدي وزعم أنه رسول من المهدي وأنه قد قرب خروجه وقصد من أهل القطيف علي بن المعلى بن حمدان الرباديني وكان متغالبا في التشيع فجمع الشيعة وأقرأهم كتاب المهدي ليشيع الخبر في سائر قرى البحرين فأجابوا كلهم وفيهم أبو سعيد الجناني وكان من عظمائهم ثم غاب عنهم يحيى بن المهدي مدة ورجع بكتاب المهدي يشكرهم على إجابتهم وأمرهم أن يدفعوا ليحيى ستة دنانير وثلثين عن كل رجل منهم ففعلوا ثم غاب وجاء بكتاب آخر بأن يدفعوا إليه خمس أموالهم فدفعوا وأقام يتردد في قبائل قيس ثم أظهر أبو سعيد الجناني الدعوة بالبحرين سنة ست وثمانين واجتمع إليه القرامطة والأعراب وقتل واستباح وسار إلى القطيف طالبا البصرة وبلغت النفقة فيه أربعة عشر ألف دينار ثم قرب أبو سعيد من نواحي البصرة وبعث المعتضد إليهم المدد مع عباس بن عمر الغنوي وعزله عن فارس وأقطعه اليمامة والبحرين وضم إليه ألفين من المقاتلة وسار إلى البصرة وأكثر من الحشد جندا ومتطوعة فسار ولقي أبا سعيد الجناني ورجع من كان معه بني ضبة إلى البصرة ثم كان اللقاء فهزمه الجنابي وأسره واحتوى على معسكره وحرق الأسرى بالنار وذلك في شعبان من هذه السنة وسار إلى هجر فملكها وأمن أهلها ورجع إلى أهل البصرة وبعثوا إليهم بالرواحل عليها الطعام والماء فاعترضهم بنو أسد وأخذوا الرواحل وقتلوا الفل واضطربت البصرة وتشوف أهلها إلى الإنتقال فمنعهم الواثقي ثم أطلق الجنابي العباس الغنوي فركب إلى الأبلة وسار منها إلى بغداد فخلع عليه المعتضد وأما ظهورهم بالشام فإن داعيتهم ذكروية بن مهروية الذي جاء بكتاب المهدي إلى العراق لما رأى الجيوش متتابعة إلى القرامطة بالسواد وأبادهم القتل لحق بأعراب أسد وطيء فلم يجبه فبعث أولاده في كلب بن وبرة فلم يجبه منهم إلا بنو القليظي بن ضمضم بن عدي بن جناب فبايعوا ذكرويه ويسمى بيحيى ويكنى بأبي القاسم لقبوه الشيخ وأنه من ولد إسمعيل الإمام بن جعفر الصادق وأنه يحيى بن عبد الله بن يحيى بن إسمعيل وزعم أن له مائة ألف تابع وإن ناقته التي يركبها مأمورة فمن تبعها كان منصورا فقصدهم شبل مولى المعتضد في العساكر من ناحية الرصافة فقتلوه فسار إليهم شبل مولى أحمد بن محمد الطائي فأوقع بهم وجاء ببعض رؤسائهم أسيرا فأحضره المعتضد وقال له هل تزعمون أن روح الله وأنبيائه تحل في اجسادكم فتعصمكم من الزلل وتوفقكم لصالح العمل؟ فقال له: يا هذا أرأيت إن حلت روح إبليس فما ينفعك؟ فاترك مالا يعنيك إلى ما يعنيك قال له: فقل فيما يعنيني! فقال له: قبض رسول الله صلى الله عليه وسلم وأبوكم العباس حي فلم يطلب الأمر ولا بايعه ثم مات أبو بكر واستخلف عمرو هو يرى العباس ولم يعهد إليه عمرو لاجعله من أهل الشورى وكانوا ستة وفيهم الأقرب والأبعد وهذا إجماع منهم على دفع جدك عنها فبماذا تستحقون أنتم الخلافة؟ فأمر به المعتضد فعذب وخلعت عظامه ثم قطع مرتين ثم قتل ولما أوقع شبل بالقرامطة بسواد الكوفة ساروا إلى الشام فانتهوا إلى دمشق وعليها طغج بن جف مولى أحمد بن طولون من قبل ابنه هرون فخرج إليهم فقاتلهم مرارا هزموه في كلها هذه أخبار بدايتهم ونقض العنان عنها إلى أن نذكر سياقتها عندما نعدد أخبارهم على شريطتنا في هذا الكتاب كما تقدم.

.استيلاء ابن ماسان على خراسان من يد عمرو بن الليث وأسره ثم مقتله.

لما تغلب عمرو بن الليث الصفار على خراسان من يد رافع بن الليث وقتله وبعث برأسه إلى المعتضد وطلب منه أن يوليه ما وراء النهر مضافا إلى ولاية خراسان كتب له بذلك فجهز الجيوش لمحاربة إسمعيل بن أحمد صاحب ما وراء النهر وجعل عليهم محمد بن بشير من أخص أصحابه وبعث معه القواد فانتهوا إلى آمد من شط جيحون وعبر إليهم إسمعيل فهزمهم وقتل محمد بن بشير في ستة آلاف ولحق الفل بعمرو في نيسابور فتجهز وسار إلى بلخ وكتب إليه إسمعيل يستعطفه ويقول: أنا في ثغر وأنت في دنيا عريضة فاتركني واستفد ألفتي فأبى وصعب على أصحابه عبور النهر لشدته فعبر إسمعيل وأخذ الطريق على بلخ وصار عمرو محصورا اقتتلوا فانهزم عمرو وتسرب من بعض المسالك عن أصحابه فوجد في أجمة وأخذ أسيرا وبعث به إسمعيل إلى سمرقند ومن هناك إلى المعتضد سنة ثمان وثمانين فحبسه إلى أن مات المعتضد سنة تسع بعدها فقتله ابنه المكتفي وعقد لإسمعيل على خراسان كما كانت لعمرو وكان عمرو عظيم السياسة وكان يستكثر من المماليك ويجري علي الأرزاق ويفرقهم على قواد ليطالعوه بأخبارهم وكان شديد الهيبة ولم يكن أحد يتجاسر أن يعاقب غلاما ولا خادما إلا أن يرفعه إلى حجابه.